Amayas |
|
| خالد ستفوتك الحصة الأولى ، هيا استيقظ أيها الكسول كانت أمه غاضبة جدا من ابنها ، فهو يوميا يستهلك منها جهدا لكي توقظه فهو لا يحب مدرسته ودائما ما يقول لأنه بعد ان يستيقظ " اريد العيش في عالم بلا مدارس " ترد امه ولكنك الآن في عالم فيه مدارس هيا قم واغسل وجهك
يخرج خالد من منزله القريب من المدرسه ، بعد ان سمع جرس الطابور الصباحي عندما كان يتناول افطاره " ااه لقد بدأت الحصة الأولى " يقول في نفسه " وسأعاقب من المدير كالعادة " يدخل خالد باب المدرسة بهدوء فهو يتمنى ان يتسلل الى الفصل من غير ان بشعر به أحد " هيييه انت " يصرخ المدير " هل تظن انك ستهرب بفعلتك ، تعال الى هنا حالا " خالد ! هذه المرة لن أسامحك ، لن تدخل غدا المدرسة الا بعد أن يحضر والدك
" اللعنة " يتمتم خالد .. ولكن أبي لن يحضر ههه ، وبعد محاضرة طويلة من المدير لم يسمع منها شيئا لأنه كان مشغولا بالنظر الى ملامح المدير الغاضبة وكيف ان تجاعيده تبدو مضحكة ، يحاول ان يكتم ضحكته .. في الحقيقة عو لم يحاول فهو لا يزال يشعر بالنعاس ولذلك فهو لا يقوى حتى على الضحك ذهب الى فصله .. طرق الباب واذن له المعلم بالدخول .. اتجه الى مكانه المعتاد ، بجانب الحائط ، في مقابل المكيّف اقترب من مكانه .. تفاجئ من وجود طالب جديد في الفصل .. يجلس في مكانه انتبه المعلم وقال : اوه خالد هذا زميلك الجديد محمد ، لم نجهز له مكانا ولذلك حاول ان تدحث عن مكان آخر مؤقتا ابتسم محمد بخجل لخالد ولمعت عيناه .. لم يعره خالد أي اهتمام ، رأى مكانا آخر الفصل " هذا مكان جيد لأكمل فيه نومي بدون أن يزعجني أحد "
****
بالرغم من تثاقل خالد في الذهاب الى المدرسه وعشقه للنوم اثناء الحصص الدراسية ، الا ان خالد دائما من ضمن الخمسة الأوائل في صفه الدراسي . فهو ذكي جدا ، كما أنه كثير الكلام ولا يبالي بالانظمة داخل المدرسة ، كما انه لا يبالي بأحد في فصله . فهو بعد الفسحة الكبيرة يحضر وهو في كامل نشاطه ، يمارس ازعاجه مع المعلمين بأسألة غريبة ، فمرة سأل معلم العلوم : استاذ! لدي سؤال يشغل تفكيري منذ زمن .. المعلم والتلاميذ ينظرون إليه باهتمام " مالذي سيقوله هذه المرّة " يكمل خالد " لقد شرحت لنا في احدى الحصص أن الذرة تتكون من نواة والكترونات ، ولقد رأيت ان النواة تشبه شمسنا ، وما يدور حول النواة يشبه الكواكب ، فأنا اعتقد اننا نعيش في جزيء ، وانني اخشى أن يكون هذا الجزيء الذي نعيش فيه موجود في جسد قطة متشردة تبحث عن غذائها الآن داخل برميل قمامة ! " يحول خالد نظره الى زملائه وينظر الى الطالب الجديد -محمد- " يالهذا الكون البائس ، انه قدرنا ان نكون داخل القمامة ، لقد شعرت بهذا منذ ولادتي .. هل تتفق معي ؟ "
يتحدث خالد بوجه يحمل تعبيرات درامية حتى ان عيناه لمعتا وكان على وشك أن يبكي .. صمت المعلم وتعلثم محمد لايدري بماذا يجيب .. لأجزاء من الثانية حل صمت رهيب .. فجاءت ضحكة كوميدية من الخلف وتبعتها ضحكات التلاميذ ..
حركات خالد الطفولية يقصد بها أن يضيع الوقت على المعلم لكي لايعطيهم درسا جديدا او يسألهم عن واجب الأمس ، ودائما مايفعل مثل هذه الامور واحيانا يطرد من فصله .. " انه حقا عالم بائس ، لماذا لم أوجد داخل قطة أخرى غير هذه المتشردة الحمقاء .. اااه أود أن اقتلها " همس خالد.
دخل مدير المدرسة للفصل بينما كان المعلم يشرح الدرس الجديد واخبر المعلم انه سيرحب بالطالب الجديد لأنه كان مشغولا هذا الصباح " اين زميلكم الجديد " رفع محمد يده فحياه المدير وسأل : " أين خالد " رفع خالد يده " حاضر " قال المدير : لماذا رجعت الى الخلف .. تعال الى مكانك قم باحضار الماصة والكرسي وتعال هنا خلف محمد انتقل خالد لمكانه الجديد وانتهى المدير من التعريف بمحمد واعطائه النصائح والتحذيرات مثل : انا لا اسمح بالتسيب ، انا لن اتردد في معاقبة اي مخالف بأشد العقوبات ..الى اخر هرطقات المدراء ! كما يقول خالد دائما .. فهو يسمي كل مايقوله المدير بالهرطقة .
انتهت الحصة الدراسية بعد خروج المدير بدقائق واسند خالد ظهره على الحائط وسأل محمد : من أي مدرسة جئت ؟ قال محمد من المدرسة النموذجية الثانية انتقلت الى هنا لإنتقال عمل أبي في هذه المدينة حقا وماذا يعمل والدك ؟ لم ينتظر خالد الاجابة فصاح على زميل له في الطرف الاخر من الفصل " هييه اليوم العصر ستكون المباراة ، لا تنسى ان تحضر .. فريقنا ينتظرك " ثم التفت الى محمد ونظر الى عينيه ذات اللون العسلي الفاتح وشعره البني الغامق الذي يغطي حاجبيه .. قال له هل تحب أن تلعب الكرة ؟ " نعم " لقد شاركت في دوري المدارس وحققت مدرستنا الكأس وكنت انا هدّاف الدوري " فرح خالد وقال له " لابد أن تأتي الى ملعبنا وتلعب معنا .. نبدأ اللعب الساعة الخامسة عصرا "
*********
بعد اسبوع
اصبح خالد محمد اصدقاء واصبحوا يتحدثون كثيرا كان محمد يمتلك قصصا غريبة وكان خالد يظن أنه يكذب . ولكن علاقتهم تطورت كثيرا كأصدقاء فصل فقط
في أحد الأيام الدراسية المملة لخالد .. وفي احدى الحصص الفارغة لغياب المعلم .. جاء طالب الى محمد واخذ يمزح معه بغباء ، ولاحظ خالد انزعاج محمد ، فمحمد لايعرف التصرف مع الطلاب لأنه لايزال لايعرفهم بالاضافة الى انه صاحب بنية صغيره .. قصير القامة نحيل قليلا ووجهه جميل .. انه يبدو اصغر من عمرهه الحقيقي بكثير وجماله يجذب ثقال الدم الذين لايعرفون تكوين الصداقات الا بالمزح الثقيل والحركات الغبية
تدخل خالد وابعد ثقيل الدم عن محمد .. فشعر محمد بالامتنان الشديد .. فقام ثقيل الدم برمي اقلام خالد .. فدفعه خالد وابعده وهدده بأنه سيضربه ان لم يبتعد ، ذهب الثقيل .. فقام محمد بجمع اقلام خالد ووضعها على ماصته .. نظر محمد الى عيني خالد .. ارتبك خالد في هذه اللحظة .. لقد قام بالدفاع عن محمد ودخل في مشاجرة من اجله .. ونظرات محمد له .. نبض قلب خالد .. " انه .. انه صديقي المقرب " فكر خالد في نفسه "
تغير حديث محمد مع خالد ، فالآن اصبح يتحدث معه كصديق مقرب يعرفه منذ زمن .. بدأ محمد باخبار خالد عن كل شي في حياته .. وكان خالد يستمع اليه باهتمام ، تبادلا الارقام .. اخبره بمسلسل الكرتون المفضل ، كيف يقضي يومه ، العابه المفضله ..
انتهت الحصة .. بدأت أُخرى ، وخالد شارد الذهن .. يتأمل في صديقه الجديد من الخلف .. ينظر إلى شعره البني اللامح ، الى ثوبه .. الى شنطته .. " حقا .. لقد اصبح لي صديق ! صديق لي انا فقط "
انتهى اليوم الدراسي ورجع خالد الى منزله قام بالاستحمام وتبديل ملابسه وجلس امام التلفزيون ليشاهد مسلسله الكرتوني المفضل " قرية التوت " ): كان المفضل عند محمد ايضا .. كان يفكر بمحمد .. ويتسائل في نفسه ! اين كنت منذ اسبوع؟ ! لماذا لم انتبه له الا الآن ؟ اااه لقد ضيعت اسبوعا من عمري!
تذكر انه أخذ الرقم من محمد ، ذهب الى غرفة بعيدة .. شعر بأنه يحتاج الى اشد حالات الخصوصية .. فيديه ترتجفان وقلبه يدق بقووة ضغط على الارقام ، واحدا واحدا ببطئ شديد انفاسه تتسارع .. شعر بأنه ربما لا يستطيع أن يكمل الاتصال .. يديه لا تتوقف فهي تتابع الضغط على بقية رقم محمد ومع الرقم الأخير اخذ خالد نفسا عميقااا وشعر بأن جسده لايقوى على حمله انفاسه قصيرة وسريعه .. قلبه ينبض بشدة .. طوووووط .. طوووووووط .. يستمع خالد الى هذا الصوت بانتباه .. بنتظر ان يسمع صوت محمد ااااه ربما لن يرد .. طووو.. ألو ؟ رد محمد
بسرعه قال خالد " ألو محمد .. السلام عليكم " - وعليكم السلام ! من؟ - خالد! .. أنا خالد - أهلا خالد .. - (...) سكت خالد ، لايدري ماذا يقول ، فالكلام الذي قام بحفظه وأراد ان يقوله لمحمد اختفى .. لا يوجد في عقله سوى الصمت .. يقطعه صوت نبضات قلبه القوية وكأن قلبه يريد الخرووج .. وانفاسه التي يحرص على تهدئتها وابطاءها - ألو .. خالد - نعم انا معك .. أردت ان اجرب رقمك فقط .. أراك غدا .. مع السلامه - مع السلامه
طووط طووط طووط طووط طووط .. لم يغلق خالد الخط .. وبقي يستمع الى صوت اغلاق الخط .. وهو يحاول ان يتذكر صوت محمد .. أحبه احبببه
كان خالد شارد الذهن في يومه كلّه يتخيل حياته المستقبلية مع صديقه وحبيبه محمد فكر : عندما اكبر واشتري سيارة سأسافر مع محد واتمشى ، سنعيش في بيت واحد ، سأنام معه في سرير واحد ، ستكون حياتنا رائعه وصل خالد في حلمه الى انه تخيل انهم في عمر ال٦٠ ، تسائل هل سنكون مع بعضنا ؟ نعم سنبقى الى الابد سوية ، لن يفرقنا الا الموت .. وبعد الموت سنذهب الجنة وسنبقى الى الابد حين تخيل هذا الامر كان على فراشه يريد ان ينام .. تعاظمت مشاعره .. غطى رأسه ودس وجهه في وسادته وبكى .. وكان دمعه غزيرا هذه المررة .. بكى الى أن نام
الساعة الثالثة فجرا ، استيقظ خالد فزعاا .. لقد فاتني الطابور .. لا اريد أن اتأخر .. أخبرني محمد أنه يأتي قبل الطابور كل يوم ، لا اود ان اضيع هذه الفترة ولا التقي به نظر الى الساعة فوجدها تشير الى الثالثة و وخمسة وثلاثون دقيقة .. جيّد لم يفتني شيء ، سأبقى مستيقظا وبدأ خالد يتخيل علاقته بمحمد فكر ماذا سيقول له عندما يلتقيه .. يوجد الكثير لأقوله له .. سأشتري له الحلوى .. سنلعب سوية .. لدي الكثير من النكات التي ستجعله يضحك لشهر كامل بلا انقطاع سأخبره .. سأخبره بأننا سنبقى اصدقاء إلى الابد ، نعم سأخبره بهذاا
جلس خالد ينتظر الى ان اذن الفجر وايقظ والده ووالدته ولبس ثياب المدرسة قبل الفجر واستغربت امه واستغرب ابوه .. خالد ! لم نرك متحمس الى المدرسة هكذا من قبل مالذي جرى لك ! ذهب خالد الى المدرسة مبكرا ، وكان متعجبا من وجود طلاب في المدرسة ! كان يظن انها لم تفتح بعد وانه سينتظر طويلا عن بابها
اعجبه جو المدرسة المبكر .. جلس ينتظر قدم محمد بدأ التلاميذ في القدوم .. زاد العدد ولم يحضر محمد خاف خالد أن يبدأ الطابور .. فهو مشتااق لرؤيته فجأة دخل محمد .. نبض قلب خالد ، جاءت عيني محمد في عيني خالد .. ابتسم محمد .. سلموا على بعضهم واستغرب محمد من حضور خالد المبكر قال خالد في نفسه " لكي أراااك " انتظرت الليل كله لكي اراك .. لم يقلها خالد بصوت عالي .. فقط في نفسه ..
قرر خالد ، اليوم سأخبر محمد بأنني احبه وأن نبقى الى الأبد
،،، يتبع بعد حين
|
| |